حائل (إخبارية جبة): قال الدكتور عبدالله بن ناصر السدحان وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية أمس الأربعاء إن القطاع التعاوني بالمملكة يسير على خطى بطيئة إلا أن وتيرته منتظمة ومشجعة، ومن المتوقع أن يتفوق القطاع على نظيريه في قطاعي اللجان المحلية والجمعيات الخيرية.
وكشف السدحان أن هناك 49 جمعية تعاونية تحت التأسيس ومن المؤمل أن يتم الموافقة على الترخيص للكثير منها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية. مشيرا إلى أن معدل النمو والتوسع والانتشار على صعيد العمل التعاوني بالمملكة يكشف بحسب الاحصائيات والأرقام عن الترخيص لنحو 12 تعاونية منذ ملتقى الباحة للجمعيات التعاونية الذي نظم العام الماضي، وهو ما يعني تدشين جمعية تعاونية كل شهر، وأن المعدل الحالي يظهر أنه سيتم افتتاح 5 تعاونيات كل شهر في المرحلة المقبلة، وهو انجاز كبير، وقد يسهم في تجاوز القطاع التعاوني وتفوقه على قطاع الجمعيات الخيرية التي يبلغ عددها 620 جمعية.
وكان السدحان يتحدث على هامش اليوم الثاني من فعاليات الملتقى السادس للجمعيات التعاونية الذي يقام تحت شعار "نحو حوار تعاوني مثمر" وبرعاية من أمير منطقة حائل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز، حيث قدم ورقة عمل بعنوان "الجمعيات التعاونية بالمملكة وآفاق تطويرها"، فيما أدار الجلسة الأولى الأستاذ/ خالد علي السيف رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بحائل.
وكشف السدحان أن القطاع التعاوني بالمقارنة مع لجان التنمية سجل حضوراً واسعاً على صعيد التنمية وعلى صعيد التعريف بالخدمات التي يقدمها في المجتمع لكافة الشرائح الاجتماعية وعلى صعيد التنمية المستدامة. لافتاً إلى أنه يوجد 420 لجان تنمية مقابل 184 تعاونية فقط، ومع ذلك فإنه يحسب للتعاونيات ما يمكن وصفه بالنقلة النوعية والقدرة على تنظيم ملتقيات سنوية منتظمة ودائمة ودورية، وهذا هو اللقاء السادس على مستوى المملكة، ويؤمل منه أن يستغل لتطوير العمل التعاوني.
ولفت إلى أن الجميل في القطاع التعاوني هو تنوعه وعدم تركيزه على قطاع خدمي واحد، معرباً عن أمله في أن يرى القطاع يطرق المزيد من المجالات التعاونية الجديدة التي تسهم في الارتقاء بالتنمية الشاملة والمستدامة، خاصة فيما يتعلق بإنشاء أسواق تعاونية في المدن الصغيرة.
وقال إنه ومن باب الشفافية لا بدّ من الاعتراف بأننا في القطاع التعاوني نعاني من قضية عالقة بيننا وبين هيئة السياحة، فالنظام الأساسي لهيئة السياحة يشير إلى أنها تملك الحق بالاشراف على الجمعيات السياحية، وهذا قد يكون عطل تأسيس 5 جمعيات تعاونية تعمل في مجال الخدمات السياحية والسفر والحج والعمرة.
ونبه إلى أن البعض يتساءل عن حقيقة ما يتضمنه قرار وزير الشؤون الاجتماعية الأخير بخصوص تحديد مدة أعضاء مجلس الإدارة، وألا تزيد عن دورتين. قائلاً بأن الهدف من القرار هو الاستمرار في ضخ الدماء الجديدة، وإدراك الوزارة أن 8 سنوات كافية لأي شخص كي يقدم كل ما يمكن تقديمه من خبرات ومبادرات وافكار في مجال القطاع التعاوني.
من جهته، قدم الدكتور صلاح سليمان الردادي رئيس المجلس البلدي في المدينة المنورة سابقا، ورقة عمل بعنوان "دور التعاونيات في الإسكان"، أوضح فيها أن الفكرة لم يسبق تناولها وطرحها من قبل التعاونيات المنتشرة في مناطق المملكة، لافتاً إلى أن الفكرة ولدت للمرة الأولى من قبل إدارة المجلس البلدي في المدينة المنورة عندما كان هو رئيساً للمجلس إلا أنه لم يكتب للفكرة رؤية النور والتطبيق العملي على أرض الواقع.
وتمنى الردادي أن تأخذ الفكرة حيز التطبيق، لاسيما وأن البناء له أثر معنوي على المواطن وصاحب السكن، من جهة منح الفرد القدرة على الشعور بالانتماء للمكان وإعطاء الأفراد القدرة على الابداع والانتاج، فالمسكن مركز حياة الأسرة.
وقدم الردادي بعض الاحصائيات التي أظهرت أن المملكة هي الأكبر نمواً من حيث تعداد السكان على صعيد المحيط الخليجي والعربي، وأن معدل النمو يبلغ 2.09%، بالمقارنة مع المعدل الدولي الذي يبلغ 1.6%، وهذا يتطلب توفير المزيد من البنية التحتية المؤهلة والمتطورة وخاصة في مجال قطاع الاسكان.
وحذر الردادي من اهمال قطاع الاسكان، في ظل مؤشرات تتحدث عن ارتفاع التكلفة للوحدة السكنية بالمقارنة مع متوسط دخل الافراد بالمملكة، مشدداً على أن الدور الأكبر يقع على عاتق الأمانات والبلديات التي تحدد النطاق العمراني لكل مدينة، والتي لديها أراضي ومساحات واسعة وكافية يمكن استغلالها وتخطيطها وتوزيعها لغايات السكن.
وأشار إلى أن قطاع الاسكان التعاوني يرمي إلى توفير سكن لائق لكل أسرة سعودية مقتدرة، وكذلك توفير سكن لذوي الدخل المحدود بما يوفر المتطلبات الأساسية والهندسية الضرورية من جهة اشتراطات السلامة ومطابقة المواصفات والمعايير الهندسية السعودية والابتعاد عن طابع البناء العشوائي.
ولفت إلى أن الدخول إلى هذا القطاع يستدعي مشاركة القطاع الخاص الذي يستطيع لعب دور كبير ومؤثر في تنمية قطاع الاسكان، معربا عن أمله في أن يتم التنسيق بين القطاع التعاوني ووزارة الإسكان لتحقيق هذا المشروع الذي يطمح إلى تخفيض تكاليف إنشاء المساكن والعقارات وصيانتها، وتوفير كافة الخدمات الضرورية الانشائية والتعليمية في الأحياء السكنية.
وقال إن السير في هذه المبادرة التعاونية وتحويلها إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع من شأنه أن يساعد الجمعيات التعاونية على توفير الأرض والموقع واختيار الشركة الهندسية المطورة والمتخصصة وفق المواصفات والمقاييس الهندسية، وبأقساط لا تتجاوز 15% من دخل الفرد، مع هامش ربح بسيط لصالح المطور، وبما لا يثقل على كاهل رب الأسرة السعودية.
كما قدم الاستاذ/ محمد سليمان موصلي نائب مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية لقطاع البرامج الخاصة ورقة عمل بعنوان "دور الجمعيات التعاونية في مشروع السعودة من خلال الاستثمار الاجتماعي". قال فيها إن صندوق الموارد يركز على محوري "إتاحة الفرصة وربط الفرصة"، لافتاً إلى أن الصندوق كان يبحث عن فرصة للمشاركة في خطط التنمية الاجتماعية وبمجرد التعرف على نشاط القطاع التعاوني بالمملكة تأكد لإدارة الصندوق أنه من الممكن نسج شراكات بينية للعمل على تطوير برامج تربط بين الأطراف التي نرى فيها قدرة على تقديم مبادرات وخلق فرص وربطها بقطاعات واسعة من المستفيدين في إطار التنمية الشاملة والمستدامة في كافة مناطق المملكة.
وأشار إلى أن هناك مبادرة للتعاون مع مجلس الجمعيات التعاونية تتعلق باستخدام موارد الصندوق لاستثمار وتطوير كوادر الجمعيات التعاونية ومنحها الحوافر والمعونات وبرامج التدريب وتمويل الاستثمارات، وذلك بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية.
وأشار إلى أن الصندوق يعول كثيراً على القطاع الخاص في لعب دور محوري في هذه المبادرة، من خلال تمويله للبرامج والمبادرات بشرط أن يستفيد من التنمية المجتمعية التي يسهم بتحقيقها مقابل بعض الحوافز والاغراءات. موضحاً أن الفكرة تقوم على طلب صندوق التنمية من القطاع الخاص التكفل بدفع رواتب للكوادر البشرية العاملة في الجمعيات التعاونية، والصندوق في مقابل هذا الدعم يقوم بمنح القطاع الخاص حوافز متنوعة تؤهله للانغماس اكثر بالخطط التنموية المجتمعية.
ولفت الموصلي إلى أن الصندوق يستطيع أن يلعب دوراً مهما في التعريف بالدور الريادي للجمعيات التعاونية، فهناك العديد من الفروع والمنافذ للصندوق المنتشرة في كافة مناطق المملكة والتي يمكن من خلالها الربط والتعاون بين الجمعيات والصندوق، كما يمكن لفروع الصندوق أن تكون منافذ لنشر الوعي عن الجمعيات التعاونية والتعريف بما تقوم به على صعيد التنمية.
وقال إن الصندوق يدرس حاليا تنفيذ مبادرة لإحدى التعاونيات ترتكز على حل أهم المعضلات والتحديات التي تواجه المرأة في السعودية على وجه الخصوص، وهي مشكلة النقل العام، ونحن في الصندوق يمكن لنا التعاون مع الجمعيات لتذليل هذه الصعوبات التي تعترض المرأة وأن نشرع في تنفيذ المشروع بناء على أسس من الشفافية وبناء على دراسة جدوى وبرنامج محدد الأطر.
وفي الختام تم فتح باب النقاش وطرح الأسئلة على المحاضرين من قبل الحضور، فعبر عبدالله سعيد القحطاني من الجمعية التعاونية الزراعية في عسير عن الانزعاج من إشكالية تخصيص الأراضي. قائلا إن الجمعيات تواجه مشاكل مع الامانات والبلديات في الحصول على الأرض واستملاكها، وبلدية المنطقة في عسير اجبرتنا على الاستئجار من مباني تملكها البلدية مما يحرمنا كجمعية تعاونية من الحصول على المعونة المادية التي توفرها الوزارة، كما ابدى بعض الحضور انزعاجهم من مكتب العمل الذي يحول بين التعاونيات وبين استقدام العمالة.
أما الدكتور صالح بن عبدالرحمن الشريدة من الجمعية التعاونية للثروة الحيوانية في الرياض، فقال إنهم يواجهون عقبات عديدة مع أمانة منطقة الرياض ومع وزارة التجارة، وأنهم للآن ليس لهم سجل تجاري رغم العمر الطويل للجمعية التعاونية. كما اشتكى من النظام الأساسي للمجلس الذي يجبر الجمعيات على التقيد بنظام التقويم الهجري.
أما محسن الشوبار من الجمعية التعاونية متعددة الاغراض في صفوى، فاقترح أن يتم السماح بفتح باب الاستيراد والسماح للجميعات بالشراء وانشاء مستودعات بكل منطقة وهذا سيوفر بحسب رأيه فرص عمل للسعوديين ويوفر دخل للجمعيات التعاونية.
اما صالح سليمان النجار رئيس لجنة الخدمات في مجلس الجمعيات التعاونية، فقال إن اللجنة تعمل على تذليل العقبات التي تعترض العمل التعاوني من خلال التواصل مع الوزارات الحكومية المعنية، مشيداً بالدور الايجابي الذي تقوم به وزارة الزراعة بالتعاون مع القطاع التعاوني. كما لفت إلى أنه تجرى الآن اتصالات مع وزارة الصحة لدعم الجمعيات التعاونية ومساعدتها على الاسهام في المجال الخدمي الطبي في المناطق النائية.
من جهته، علق رئيس مجلس إدارة الجمعيات التعاونية الأستاذ/ عبدالله بن محمد الوابلي لى مداخلات الحضور، وقال إن المجلس يسعى إلى اعداد دراسة لمعرفة احتياجات المناطق، وأنه يتعاون في هذا الخصوص مع مجموعة النماء المعرفية، التي تعتبر الذراع الاستشارية والاسترشادية لمجلس الجمعيات التعاونية بهدف وضع الأفكار والدراسات المناسبة للعمل التعاوني بما يحقق اهداف وطموحات ومصالح كل منطقة من مناطق المملكة وسكانها.
وفيما يختص بإشكالية التقويم الهجري لدى بعض الجمعيات، فاشار الوابلي إلى أنه يمكن النظر في هذه المسألة وأن المتضرر منها يمكن له رفع ملاحظة بذلك، لعرضها على الجهة المختصة وايجاد حلول مناسبة لها، مؤكداً أنه إذا كان هناك نص تشريعي يمنع التحويل فإنه يمكن إعادة النظر فيه.
وبخصوص إشكالية تخصيص الأراضي، فأشار إلى أنها مشكلة قديمة جديدة، واقترح على الجمعيات التعاونية التي تعاني من هذه المشكلة الرفع إلى الوزارة بهدف تشكيل فريق ميداني مشترك من وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون البلدية والقروية ومجلس الجمعيات التعاونية بالمملكة، للتعرف على طبيعة المشكلة وكيفية حلها وتخطيها. قائلاً إنه سيتم التواصل مع الشؤون البلدية لتخصيص الأراضي، والوزارة لديها تعليمات من مجلس الوزراء بهذا الخصوص لتمليك الجمعيات الأراضي وتخصيصها لها، موضحا أن هناك لجنة مشتركة مشكلة تسعى لمناقشة ما يمكن أن يكون تناقض بين مجلس الجمعيات ووزارة الشؤون الاجتماعية من جهة ووزارة الشؤون البلدية والقروية من جهة ثانية فيما يتعلق بتخصيص الأراضي.
2